روايات شيقهرواية الضحية

رواية الضحيه الفصل السابع

الفصل السابع
لم يشعر جاسر بأي توتر رغم نظرات سياف الحادة والذى بالفعل يشعر برفض داخلى لهذا الطلب غير المتوقع من قبله، ما الذى يدفع أصدقاءه لطلب قرب أخته تباعاً ؟
ربما كان قاهر مفتونا لكن ماذا عن جاسر الذى رأى منها كل الجنون؟
يعلم أن جاسر لا يحتاج إلى مزيد من القرب منهم، هو بالفعل جزء لا يتجزأ من كيان أدهم الزناتى فلماذا يسعى إلى نارا ؟
_ ليه ؟
لم يكن سؤاله مفاجئا بالنسبة لجاسر بل ابتسم بهدوء وكأن الموقف كله طبيعياً
_ اختك محتاجة راجل يا سياف دى مش محتاجة ذكاء، بس ماينفعش معاها اي راجل ، هى عاوزة واحد شبهنا وانا أولى بيها من أي حد
_ والخلفة ؟
_ خلفة؟؟ مين مجنون يجيب للدنيا دى ولاد؟ ها هتكلم لى الباشا ولا أكلمه انا؟ انا قولت انت صاحبى ماينفعش اتخطاك
_ هكلمه
تابع سياف تقدمه دون أن يطلب من جاسر الابتعاد عن غرفة نارا أو عدم التعرض لها وكأنها ليست بالأهمية التى تدعوه لذلك.
……….
كان أدهم يترأس المائدة كالعادة ويتناول طعامه بصمت مع اقتراب عواطف
_ هى نارا مش هتفطر؟
_ هجهز لها فطار فى الجنينة
هز رأسه مستحسنا التطور الإيجابي بنظره فى حالة نارا ووضعها النفسى ليطرق سياف الطاولة بسكينه حتى غادرت عواطف لينظر نحو أبيه بحدة
_ جاسر كلمنى من شوية أنه عاوز يتجوز نارا
_ اخيرا نطق!
نبرة التساؤل بصوت أبيه ادهشته لكنه لم يستطع صياغة سؤال بشكل مناسب ليظل ينطر إليه بفم مفتوح حتى تابع أدهم
_ امال انت فاكرنى موقفه على بابها ليه؟ نارا محتاجة تتابع حياتها ومفيش احسن من جاسر تتابع معاه لأنه مننا وهيعرف يحافظ عليها
_ ما قاهر كان مننا بردو؟
_ كان مننا بس كان طماع ولما اتحملنا طمعه علشانها غدر واللى يغدر بينا يستاهل اللى يجرى له، بلغ جاسر انى موافق هبلغ نارا ونحدد معاد علطول هى احسن لها تتجوز
حديث أبيه يطوى ضمنيا نفس المعنى الذى كان يتحدث هو عنه لينهره أبيه دائما مدعياً كذب ادعاءه، كل يوم يثبت له أبيه أن لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيقدم عليه أدهم الزناتى فى الخطوة التالية ، عبر عن اعتراضه الداخلى لكم الخداع الذى يملكه أبيه وهو يغادر رافضا تناول الطعام فينظر أدهم فى أثره مستخفا بمحاولته إظهار بعض الآدمية التى لا تتفق مع كيانه بأي شكل كان.
…………..
أعاد يامن شطيرته للطبق شاعرا بعدم الرغبة في تناول الطعام ، يشعر بوخزات حادة منذ تحدثت إليه نارا لتخبره بما اختربته من قهر ليلة أمس نتج عن نصيحته لها، حقا لم تضع عليه لوما لكنه فعل.
لقد وضع عدة احتمالات لحالة نارا يبدو أن جميعها هين بالمقارنة بما تعانيه، لها كل الحق في الخوف لهذه الدرجة لكن ليس له أية حقوق فى عدم دعمها، هو طبيبها وقد لجأت إليه هربا من سطوة الخوف ليقدم لها نصيحة تقيدها بالمزيد ولن يتركها للخسران.
جمع متعلقاته ونهض مغادرا فهو بحاجة للمشورة بشكل ملح .
وصل لمبنى لا يبعد عن مسكنه كثيراً ليقف له حارسه احتراماً ، تقدم للمصعد ليصل للطابق الخامس فيغادره إلى شقة تقابله ويستخدم مفتاحا خاصا به للدخول.
كان أحمد الحسينى يجلس فوق مقعده الهزاز لينظر له يامن فيشعر أنه لم يغادر مطلقاً ، ارتسمت ابتسامة مريحة تزيد من هدوء ملامح أحمد
_ أخيراً افتكرت تدور عليا؟
_ انا آسف يا بابا
_ انا مش محتاج اسفك يا يامن انا سعيد انك بتدور عليا وقت ما تحس بالضيق معنى كده أن لسه فى رابطة قوية بنا
جلس يامن قرب أبيه ولم يفكر في المراوغة
_ انا محتاج مشورتك كطبيب نفسى فى حالة عندى
بدأ بمجرد أن حثته نظرات أبيه يتحدث ليلحظ أحمد مدى انفعاله وتأثره مع الحالة بشكل قد يؤثر سلباً على قدرته العملية لمساعدة الحالة، انتظر حتى عرض عليه أبعاد حالتها ليفهم السبب وراء انفعاله وتفاعله بهذه القوة معها لكن هذا لا ينفى أنه سيعرقل دوره كطبيب.
_ وانت شايف إيه دلوقتى ؟
_ شايف انى قصرت طبعا معاها وادى أول نصيحة منى سببت كوارث وعرضتها لضغط أشد كانت في غنى عنه ، حالة زى دى لازم نبعدها عن الضغط مش نزوده عليها.
_ انت قولت الحل بنفسك، المريض لما يتعرض لاعتداء بدنى لازم تبعده عن مصدر الاعتداء نفسه، خد بالك مع شعورها بالضعف الوضع هيكون أسوأ
لم تتحرك عينا أحمد عن ملامح يامن لحظة واحدة أثناء حديثه وهو يتابع بشغف رد فعله فيبدو أن هذه الحالة تعيد مع يامن أسوأ ذكرياته والتى ارتبطت بعقله حتى الآن وتسببت فى فقدانه لساقه وعرقلت حياته عدة سنوات.
_ طبعا لا نملك معلومات كافية عن أهلها وماينفعش نستعين بيهم يبقى الحل الوحيد أنها تسبب البيت، تطلع إجازة مثلا وتقعد فى فندق اكيد هو مش هتوصل سلطته للتحكم في كاميرات الفندق، هى واقعة فريسة سهلة تحت أيده ماحاولتش تهرب، قفل باب الأوضة مش حل أبدا كان لازم تتوقع أنه يقدر يدخل لها بطريقة تانية.ده بودى جارد وواضح أنه من الفئة الإجرامية قفل باب مش هيوقفه أبدا.
حين غادر يامن منزل أبيه بعد ساعة كاملة من المناقشة احتد خلالها أكثر من مرة شعر بأنه فى خطر، وضعه كطبيب لها يمثل خطورة على حياته العملية، هو لن يجازف بخسارة أخرى في مجال عمله ولن يسمح بفشل جديد يعيده خطوات للخلف، يحتاج لوضع عقله فقط في موضع الحكم وأن ينحى كل تلك المشاعر التى تتعاطف معها وتهدد مصداقية عمله.
كان غاضباً من نفسه بشدة فقد حمل نفسه أكثر مما تتحمل وليس من مسئوليته حمايتها داخل منزلها وما حدث لها ليلة أمس لا يقع عليه، يجب أن يلتزم بدوره التوعوى الذى تلزمه بيه وظيفته.
……………
تجولت نارا فى الحديقة ولازالت تلوم نفسها على الليلة التى منحته فيها مخاوفها كل ما كان يصبو إليه ويسرقه على حد قوله، سمعت خطوات تتبعها ولم تكن بحاجة للنظر لتعلم شخصية جاسر فيبدو أنها تعلم عنه أكثر مما ظنت.
زاد قربا حتى جاورها
_ انا كلمت سياف وطلبتك منه
صدمة سيطرت عليها فهى لم تتوقع سرعة تحركاته نحوها خاصة أنه بالفعل لا يحتاج رابطة الزواج للوصول إليها فقد تملكها بكل طريقة وضيعة
_ حالا أدهم باشا هيعرف ونحدد اقرب معاد
_ مستعجل ؟
تساؤل يدور برأسها مثيرا فوضى غير محببة ليعبر عنه لسانها فيزيد من حماس جاسر
_ مستعجل طبعا، انا نفسى تبقى معايا علطول، مش عاوز اخرجك من حضنى أبدا
تبع كلماته المتلهفة تحركه نحوها ليسحبها جهة اليمين حيث غرفة مهملة تعود للحرس، حاصرها فى زاوية تنأى عن الأعين لترتجف فزعا
_ جاسر بلاش جنان ابعد عني
_ مابقتش قادر ابعد يا نارا، لو تحسى باللى جوايا مش هتقولى ابعد دى أبدا
لاحت كلمات يامن أمام عينيها لتتهرب بنظراتها بعيدا عن حدة عينيه
_ انا مش عاوزة اتسرق تانى يا جاسر، مش بحب اكون معاك بالشكل ده
تراجعت لهفته بصورة ملحوظة مع ظهور المزيد من الحدة بصوته واستنفار حواسه
_ يعنى إيه ؟
_ يعنى استنى لما نتجوز
_ وهتفرق فى إيه ؟
_ هتفرق معايا أنا ، مش عاوزة احس انى رخيصة
_ رخيصة!!
زاد تراجعه عنها فعلياً لتشعر أنها على الطريق الصحيح فها هو يمنحها مساحة للتنفس بعيدا عن سطوة الخوف التى يفرضها عليها.
_جاسر
أوقف صوت أبيها كل شيء لترى تواتر عضلات كفه دليلاً على رفضه تواجد أدهم بهذا التوقيت الذى تشكره له، دار يواجه نظرات أدهم الحادة ببساطة
_ سبنى مع نارا شوية، ادخل افطر وابقا تعالى قبل ما امشى
تحرك بلا مناقشة أو رد، مادام أبيها يملك كل هذه السطوة لماذا عجز عن حمايتها؟
غادر لتعقد ساعديها ويقترب منها أدهم محيطا كتفيها يدفعها للسير بجواره
_ واضح انكم متفاهمين وموافقتى هى اللى موقفة الموضوع
انعقد حاجبيها وهى لا تفهم ما يرمى إليه أبيها الذى تابع
_ لما سياف كلمنى الصبح فكرت أن الجواز رغبة جاسر بس لكن بعد اللى شوفته دلوقتى فهمت أنه رغبتك انت كمان
_ dad انا ..
_ انت زى ما قولت لك قبل كده لازم تعيشى واختيارك لجاسر موفق جدا وانا موافق عليه، اتفقوا على معاد وبلغينى لما ارجع من الشركة، اعملى كل اللى نفسك فيه وافرحى على قد ما تقدرى
اقترب مقبلا جبينها ثم غادر فوراً ليتركها بين أمواج الحيرة تتقاذفها وتكاد ترديها غرقا بين تلاطمها.
كيف رأى أبيها ما يدعيه ؟
هى بعيدة عنه كل البعد إذا وهو يرى من صورتها ما يريده هو لا ما تحتاج منه. نكست رأسها وقد غزى الخذلان قلبها فقد كان آخر ما تتوقعه من أبيها أن يتجاهل استغاثة قلبها.
ظهر أمامها جاسر مرة أخرى لتشعر أنها محاصرة بشكل مخيف ولم يمنحها لحظات بل اقترب منها ليسحبها مرة أخرى حيث كانت قبل أن يصل أدهم.
شقت شهقات الفزع صدرها لينال منها جزءًا كبيرًا بلهفة مفزعة ورغم ذلك لم يدفعها الفزع لمقاومته أو محاولة إبعاده عنها.
تراجع قليلا لكنه لم يبعدها بل اغمض عينيه يستجمع قوته وتماسكه ويسترد بعضا من سيطرته الهاربة وتحصل هى على فرصة لالتقاط أنفاسها
_ انا آسف بس انت مش رخيصة أبدا ولا أنا عاوزك تحسى بكده، قربى منك حاجة مالهاش علاقة بأفكارك العبيطة دى قربى منك هو اللى مخلينى عايش لحد دلوقتي.
ها هي تفشل مرة أخرى فى استعادة بعضا من روحها المسلوبة فلا يبدو لها مستعدا للتخلى عن دميته الممتعة فهى بهذا الوضع لا تختلف عن كونها دمية لإمتاعه وكم تكرهه وتكره نفسها.
_ ادهم باشا كلمك؟
أعادها سؤاله عن شرودها لتكتشف أنها أصبحت عاجزة عن الفرار حتى بأفكارها بعيداً.
اومأت إيجابيا لترى تهلل ملامحه فتنكس رأسها رفضا لهذه السعادة التى تراها منه.
_ قالى نتفق على معاد ونبلغه
_ يبقى بعد بكرة، وهديكى بكرة بس تجهزى نفسك، هاتى فستان فرح محدش لبسه قبلك ولا هيتلبس تانى، اشترى كل اللبس اللي تحتاجيه انت مش هتاخدى من هنا اي حاجة وبعد بكرة تيجى بيتى وتبقى ليا لآخر عمرى
_ جاسر يوم ماالحقش اعمل أي حاجة مش اقل من اسبوع
_ يبقى هاتى الفستان بس ونبقى نكمل سوا انا مااقدرش استنى اكتر من يوم وبردو هكون معاك بالليل انت بقيتى ادمانى لو بعدت عنك يوم واحد اموت.
ليته يفعل! ليته يموت وتنتهى كل هذه المأساة التي تعيشها معه.
ليست الحياة بالامنيات وهى تعلم ذلك جيداً
وبعدها عنه لن يتحقق بتمنيها موته
ربما موتها هى سيكون أسرع وسيلة للفرار من كل هذا الدمار الذى يلاحقها بسبب هوس هذا المختل .
_بعدين مين قال يوم معاك النهاردة كمان احنا لسه في أول اليوم افطرى وهخرج معاك تلفى زى ما انت عاوزة المهم بكرة تكون كل حاجة خلصت وبعد بكرة تكونى فى بيتى ، هبعت لك الفطار واكلم أدهم باشا أبلغه المعاد.
ابتعد عنها متجها للداخل لتتأكد ألا مفر لها بالفعل، هو يحدد ويقرر وعليها أن تتابع الخضوع حتى تجد نفسها بين جدران منزله حبيسة سطوته وتملكه للأبد.
يبدو لها الموت فكرة رائعة فى هذه اللحظة ، ربما تظن نفسها أجبن من الانتحار لكن عليها أن تضع كل ما تتعرض له أمام عينيها لتقتنص شجاعتها التى تحتاج .
…………
جلس جاسر بعد أن أنهى المحادثة مع أدهم والذى لم يعترض على الموعد رغم قربه فيبدو أن أدهم كان يرى نارا بعينيه وهو لا يهتم لهذا.
أرسل لها عواطف تحمل الفطور منذ فترة ولابد أنها أوشكت على الانتهاء من تناوله فهى لا تسرف في تناول الطعام.
نهض متجها للخارج فعليهما سرعة المغادرة ، قبل أن يبلغ الباب كانت عواطف تعبره بفزع صارخة
_ الحقنا يا بنى نارا مش موجودة في البيت.
#الضحية_قسمةالشبيني

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

صديق من الجن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى